في خضم العملية التعليمية تبرز الحاجة دائما إلى معلمين أكفاء يؤدون أعمالهم التربوية على أكمل وجه، وهذه الكفاءة لا تخرج إلا من خلال اكتساب الخبرة في التعليم وأخذ الدورات التدريبية، ولكن هل المعلم الجديد وقبل أن يحصل على هذه الخبرة وهذه الدورات، مطالب بالقيام بعمله
معلما على أكمل وجه، خصوصا في ظل عدم توافر هذين العنصرين بسبب التعيين الجديد أو السنة الأولى في التعليم؟
“الاقتصادية” تحاول استطلاع آراء بعض المعلمين الجدد في حقل التعليم إضافة إلى بعض المختصين.
في البداية بيّن ناصر الحنان، وكيل مدرسة متوسطة، أنه لاحظ كثيرا من المعلمين الجدد الذي تواتروا على المدرسة في سنوات مضت يشتكون من صعوبات في التعامل مع الطلاب، وكيفية علاج سلوكياتهم، وكذا التعامل لإيصال المعلومة إليهم، خاصة في الأحياء التي تكثر المشكلات الاجتماعية والاقتصادية فيها، مضيفا أن الدورات التي تقدم لهم غير كافية، ويُفترض أن تكون إلزامية، وفيها حوافز ومكافآت مالية تجعلهم يقبلون عليها.
يرى المعلم صالح عقيلي أن سنة تدريسه الأولى كانت صعبة لديه، وذلك لأنه تم الزج به في الميدان دون إكسابه أي خبرة تربوية لقيادة الصف، أو التعامل مع الطلاب، قائلا: بعد أن مررت بتجارب كثيرة اكتشفت أن المدرسة التي عملت فيها في السنة الأولى لم تكن سيئة، بقدر ما كنت أجهل طرق التعامل مع الطلاب، ما أوقعني في الكثير من الأخطاء التي جعلتني أحبط وأكره أحيانا التعليم.
وأشار إلى أن الغالبية العظمى من المعلمين الجدد يقعون في أخطاء فادحة ويمرون بظروف عصيبة داخل الصف لجهلهم طرق التعامل وأهمية فن التلقين والتعامل مع سلوكيات الطلاب داخل الصف وخارجه.
وبيّن نواف المطيري، وهو متدرب في مدرسة ابتدائية يدرس في الفصل الأخير في كلية المعلمين، أن المناهج التي درسوها في مقررات الكلية لا تلبي الحاجة الفعلية للمعلم الجديد،
خاصة أنها تعتمد على النظريات بالدرجة الأولى، بينما يختلف الواقع في الميدان كثيرا عمّا درسه.
وأضاف: مهنة التدريس في العالم يتم التعامل معها بطرق احترافية كبيرة، إذ يختار الأكفاء، كما يؤهلون تأهيلا عاليا.
وأقترح أن تكون السنة الأولى للمعلم الجديد تدريبية تماما، وتكون بها زيارات ميدانية لقاءات لعدد من المدارس وبمختلف المراحل الدراسية، بحيث يتسنى للمعلمين الجدد اكتساب خبرات ومهارات، وكذا تلوح للمسؤولين إمكانات هؤلاء المعلمين ويوجهون للمراحل والمدارس الأنسب لقدراتهم.
من جانبه أكد لـ”الاقتصادية” خالد السليمان مدير إدارة التدريب التربوي في الإدارة العامة للتربية والتعليم في الرياض، أن تأهيل المعلمين يشكل ضرورة لا محيد عنها، خاصة في هذا العصر الذي تتلاحق فيه التطورات المعرفية، وتتضاعف فيه المعلومات، وتزداد فيه التقنيات تعقيدا، وكل ذلك وضع المعلم في تحد مع الزمن، فإن بقي على إعداده الذي تلقاه في دراسته الجامعية، فمعنى ذلك أنه يعرّض طلابه لأخطار المعارف البالية ويعزلهم عن كل جديد مفيد.
وبين السليمان أن إدارة تدريب الرياض عملت على وضع حزم تدريبية مقننة تفي بالمهارات الأساسية للمعلم، التي لا يمكن للعمل التدريبي أن يستقيم بمعزل عنها، لأنها أساس الممارسات الحقيقية والفاعلة داخل حجرة الصف، مضيفا أن من أهم البرامج المعنية بالمعلم الجديد برنامج المعلم الجديد، وفيه تقدم أساسيات موجزة عن مهمة التدريس وضوابطها وممارستها، برنامج التخطيط الفني للدروس، فعملية التخطيط للدرس هي الخطوة الأولى والمهمة على طريق الإتقان، برنامج إدارة الصف، وفيه يتلقى المعلم أهم مهارات القواعد التطبيقية في القدرة على إدارة الموقف التعليمي وتوجيه الطلاب نحو الهدف، طرائق التدريس العامة، وهذا البرنامج يعين المعلم على التنويع في أساليبه التدريسية وفقا للمحتوى التعليمي ومستويات الطلاب، إضافة إلى برنامج أساسيات في التقديم، هو يوجّه المعلم إلى الطرائق العملية في استثارة المستويات الذهنية المتنوعة للطالب. وبرنامج الأهداف السلوكية، صُمم في أساسه لمساعدة المعلم على تحديد أهدافه وصياغتها وفقا للأسس العلمية المعروفة.
وأكد أن إدارة التدريب التربوي اهتمت بتقديم عدد من البرامج التدريبية المتخصصة للمعلمين للوقوف على حاجاتهم العلمية في المهنة، ومن تلك البرامج: “تدريس الرياضيات، تدريس اللغة العربية بفروعها المختلفة، تدريس الاجتماعيات، تدريس القراءة، تدريس العلوم، تدريس القرآن الكريم، مهارات إبداعية في الحفظ …”، وغيرها من البرامج التي تهتم بالنمو الشامل والمتكامل للمعلم في مراحل عمله المختلفة.
صالح آل طلحاب من الرياض – 05/05/1429هـ