د. عبدالمحسن القفاري
تزدحم العبارات أمام تداعي الإساءات ، تلك التي استهدفتنا في ديننا ورموزنا ووطننا، بدأت وتتابعت ولكن عاقبتها إلى خير بإذن
الله والحق منصور وممتحن فلا ينبغي أن نجزع والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ، كيف لا وقد امتُتحن أفضل الخلق
عليه الصلاة والسلام واجتهدت أمم أن تطمس نوره ،بيد أن التاريخ والواقع يشهد أن دعوته انتشرت بسرعة الضوء وشملت أنحاء
الأرض وأصبح اسمه الكريم يجلجل في أطراف الأرض عزاً وهداية .ولذا ساترك قلمي حراً وإن طالت العبارات فالمقام يستحق
والخطب جلل ...
منذ بزوغ فجر الإسلام على هذه الأرض الطيبة ،واختصاص الله لهذه الأمة بالدين الحق الذي خلق الله لأجله
البشرية ، والله عز وجل يوالي حمايته وحفظه لشريعته ويسدد أهلها بالولاة المصلحين والعلماء الربانيين وقد تمّر حقب من الفترات
تنهزم فيها الأمة وتتقهقر غير أن مبادئها تضل شامخة لا تزلزلها العوادي والأحداث ..حتى أنعم الله على أهل هذه الجزيرة التي شعَّ
منها نور الحق بقيام هذا الكيان الراسخ المملكة العربية السعودية التي نشأت وظلت وفية للشريعة .ثم جاءت الأحداث والأزمات
لتثبت للجميع صدق الانتماء للإسلام وأهله في السراء والضراء يغلف ذلك رداءٌ متينٌ من الحكمة وعمق السياسة جنبت البلاد
أزمات عصفت بقارات الأرض في العصر الحديث . ومع كل ما مرّ تخرج بلادنا عزيزة نزيهة وينكفئ أعداؤها ليلملموا خزي
مواقفهم الجائرة .. وما من شك أن عواصف الرياح أشد ما تهب على القمم بينما لا تشعر بها القيعان .. إن المكانة الدينية والحضارية
والسياسية لهذه البلاد بوأتها بجدارة موضع المنافح عن قضايا الأمة ديانة لله تعالى وأنفة من الضيم ،وتلك شيمة كرام العرب ، ذلك
عين ما جسده ولاة أمرنا دوماً .. وذاك أحد أبرز المجالات التي تجلّي توجهات الدول ويتماشى باتساق وفق الرؤية الشرعية المنبثقة
من الكتاب والسنة، ولقد كان العمل على رعاية مصالح المسلمين والدفاع عن قضاياهم يعتلي سلم أولوية العمل الدبلوماسي للمملكة
العربية السعودية في شتى المحافل الدولية بدءاً بقضية فلسطين ومروراً بهذه السنوات التي شهدت تطورات إستراتيجية في مسيرة
الحوار بين اتباع الثقافات رعاها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله ،ومع ذلك كله وتبني بلادنا وولاة أمرنا سياسة التسامح
والتجاوز عن الهفوات والتسامي عن ضغائن الماضي والتعالي عن الإحن والجور الذي سعى به البعض في حق وطننا .. تأتي مجازفات
بعض المتهورين الذين يظهروا عداوة الرسالات والحضارات ليعرقلوا ببعض طيشهم وظلمهم الجهود المبذولة للتعايش والسلم الذي
ينادي به الجميع، وليعودوا بتلك المساعي الخيّرة إلى نقطة ما قبل البداية. فالإساءة لنبي الرحمة صلى الله عليه وسلم تتكرر في الصحف
الغربية . والتحركات المدنية لم تؤت ثمارها رغم تأكيد رموز وقيادات تلك البلدان على احترام الأديان السماوية، بل تجاوز الأمر إلى
إساءة البعض للقرآن الكريم وهو الذي حوى النور والحرية والعدل والإنصاف للأديان وأتباعها ،كل ذلك في تحد سافر واستفزاز
عميق لمشاعر مئات الملايين من المسلمين و كأن المؤسسات التشريعية والقيادات السياسة في تلك البلدان التي تزعم التحضر قد
عجزت عن سنَّ أنظمة تمنع مثل هذا التطاول وتحدّ من انتشاره الذي يصنف على أنه أحد مظاهر العنف والاعتداء على جوهر حياة
الإنسان الذي هو دينه .
التعليق