نبذة عن الشعر الحميني
الحديث عن الشعر الحميني يتطلب أموراً لابد من استيفائها لمعرفة نبذة كافية عن مميزاته وخصائصه وهذه الأمور تتلخص في خمسة هي:
الأول: التعريف به وسبب تسميته .
الثاني: الفرق بينه وبين الشعر الفصيح والعامي .
الثالث: تقسيماته مع التمثيل .
الرابع: أوزانه وأمثلته .
الخامس: نماذج من الشعر الحميني .
ولنبدأ على بركة الله:
أولاً: التعريف به وسبب تسميته:
عرف بهذا الاسم في اليمن، ومما يدل على ذلك قول الإمام الزبيدي (ت: 1205هـ) ـ رحمه الله ـ في (تاج العروس:34/455): "والحميني: ضَرْبٌ مِن بُحورِ الشّعرِ المُحْدثَةِ، وهو المَعْروفُ بالموشَّحِ؛ يَمانِيَّةٌ" اهـ .
فقوله: (يمانية) إشارة إلى أن هذه لغة يمانية .
ولعل سبب تسميته بهذا الاسم أنه نسبة إلى رجل شاعر بارع اختص بهذا النمط من الأشعار يسمى (حُمّان) كعُثمان، وهو في الشعر كسحبان في البيان، ثم قلبت الألف ياءً؛ لكثرة الاستعمال فصار (حمين) ثم نسب إليه هذا الشعر فقيل: (الشعر الحميني) وهذا النوع يجري على قواعد الشعر الفصيح وأوزانه، ولكن يغلبُ عليه التسكين للضرورة الغنائية والوزنية أحياناً، حتى صار التسكين سمة بارزة له، وخاصة من خصائصه كما سيأتي قريباً .
ثانياً: الفرق بينه وبين الشعر الفصيح والعامي:
يُطلق على هذا النوع من الشعر: (الحميني) لأنه لا يلتزم بقواعد الشعر الفصيح مطلقاً، وإنما يكثر فيه الفصيح العامي، ويدخله التسكين في أوزانه كما تقدم، ويطلق على الشعر الذي يقابله ويلتزم تماماً بقواعد الفصيح (الشعر الحكمي) نسبة إلى قبيلة (الحكم بن سعد العشيرة) المعروفة، وهي من (مِذحج) ونسب إليها الشعر الفصيح؛ لعدم انفكاكها عنه، وقد حكمت اليمن قروناً عديدة، وهي الآن من أشهر قبائل (جازان) وفيهم علماءٌ كبار منهم: شيخ مشايخنا/ حافظ بن أحمد الحكمي ـ رحمه الله تعالى ـ .
وفيهم شعراء كبار لا حصر لهم من أشهرهم: عمارة الحكمي اليمني .
فالشعر الحميني فيه مرونة لانسباكه مع الغناء بخلاف الشعر الفصيح (الحكمي) فهذا هو الفرق بينهما .
وأما الشعر العامي فهو خارجٌ عن هذين النوعين، ولهذا لا كلام عليه، ولا وجود له في كتب الأدب، ولا حظ له من القبول والتصنيف إلا عند العامة ومن لا يحسنون العربية، ولم تُطبع دواوينه إلا قبل حوالي أربعين عاماً .
ثالثاً: تقسيماته مع التمثيل:
له أربع تقسيمات:
1ـ (المبيّت) وهو شعرٌ حمينيٌّ تتألف فيه القصيدة من فقرات تتكون الفقرة الواحدة عادة من ثلاثة إلى أربعة أسطر، ولكل فقرة قافية مستقلة .
مثال للحميني المبيّت: قول الأستاذ/ عباس الديلمي:
في مزهريّاتِ روحي *** لكْ زرعتُ الوفا
أسقيتُ قلبي بحبك *** فارتوى واكتفى
لأنك الحب، أنت الطهـ *** ـر أنت الصفا
يا بدر في ابتسامه *** كل ضوء اختفى
***
إن أظمأوا روضَ زهري *** كنتَ الندى والظلال
أو حاصروا ضوءَ فجري *** كنتَ الضيا والجمال
وقال عصفورُ صدري *** هذا اكتمالُ الكمال
إلى آخر القصيدة ...
وهكذا ...
2ـ (الموشّح) وهذا فنٌّ نشأ في (الأدب الأندلسي) واستمر، وانتشر في اليمن، وهو قريبٌ من المثلثات الحريرية .
3ـ (الملحون) هذه الكلمة تستعمل تابعة لكلمة (الحميني) أو بدلاً منها للدلالة على أن الشعر قد لا يلتزم بقواعد الفصحى، بل قد تدخله الضرورات للتلحين .
4ـ (الصنعاني) للدلالة على لون خاص من ألوان الغناء الذي ينفرد به هذا الشعر، وأن له مميزات موسيقية خاصة وهي (الصنعانية) نسبة إلى (صنعاء التي حوت كل فن) .
رابعاً: أوزانه وأمثلته:
كما ذكرتُ أنه جارٍ على أوزان الفصيح وبحور الشعر العربي المعروفة، ولكن قد يكثر فيه المجزوء بدلاً من التام .
ولنأخذ أمثلة:
1ـ الرجز (الثنائي) مثاله: قول الشاعر القاضي/ أحمد الآنسي:
أشرفْ عليّ كالقمرْ *** من طاقةِ القصرِ المشيدْ
مستفعلن مستفعلن *** مستفعلن مستفعلانْ
2ـ الخفيف (الثنائي) مثاله: قول حيدر آغا ـ كما سيأتي ـ:
من يبلّغْ غزال رامة *** مذهبَ الخدّ ساجيَ العين
فاعلاتن متفعلاتـــن *** فاعلاتن متفع لا تان
3ـ المديد (الرباعي) ومثاله: قول الشاعر العنسي:
يا مغرّدْ بوادي الدورِ من فوق الاغصانْ
فاعلن فاعلاتن فاعلن فاعلاتان
يا منجّش صباباتي بترجيع الالحانْ
فاعلن فاعلاتن فاعلن فاعلاتان
وهكذا ...
يــــتـــــبــــــــع
الحديث عن الشعر الحميني يتطلب أموراً لابد من استيفائها لمعرفة نبذة كافية عن مميزاته وخصائصه وهذه الأمور تتلخص في خمسة هي:
الأول: التعريف به وسبب تسميته .
الثاني: الفرق بينه وبين الشعر الفصيح والعامي .
الثالث: تقسيماته مع التمثيل .
الرابع: أوزانه وأمثلته .
الخامس: نماذج من الشعر الحميني .
ولنبدأ على بركة الله:
أولاً: التعريف به وسبب تسميته:
عرف بهذا الاسم في اليمن، ومما يدل على ذلك قول الإمام الزبيدي (ت: 1205هـ) ـ رحمه الله ـ في (تاج العروس:34/455): "والحميني: ضَرْبٌ مِن بُحورِ الشّعرِ المُحْدثَةِ، وهو المَعْروفُ بالموشَّحِ؛ يَمانِيَّةٌ" اهـ .
فقوله: (يمانية) إشارة إلى أن هذه لغة يمانية .
ولعل سبب تسميته بهذا الاسم أنه نسبة إلى رجل شاعر بارع اختص بهذا النمط من الأشعار يسمى (حُمّان) كعُثمان، وهو في الشعر كسحبان في البيان، ثم قلبت الألف ياءً؛ لكثرة الاستعمال فصار (حمين) ثم نسب إليه هذا الشعر فقيل: (الشعر الحميني) وهذا النوع يجري على قواعد الشعر الفصيح وأوزانه، ولكن يغلبُ عليه التسكين للضرورة الغنائية والوزنية أحياناً، حتى صار التسكين سمة بارزة له، وخاصة من خصائصه كما سيأتي قريباً .
ثانياً: الفرق بينه وبين الشعر الفصيح والعامي:
يُطلق على هذا النوع من الشعر: (الحميني) لأنه لا يلتزم بقواعد الشعر الفصيح مطلقاً، وإنما يكثر فيه الفصيح العامي، ويدخله التسكين في أوزانه كما تقدم، ويطلق على الشعر الذي يقابله ويلتزم تماماً بقواعد الفصيح (الشعر الحكمي) نسبة إلى قبيلة (الحكم بن سعد العشيرة) المعروفة، وهي من (مِذحج) ونسب إليها الشعر الفصيح؛ لعدم انفكاكها عنه، وقد حكمت اليمن قروناً عديدة، وهي الآن من أشهر قبائل (جازان) وفيهم علماءٌ كبار منهم: شيخ مشايخنا/ حافظ بن أحمد الحكمي ـ رحمه الله تعالى ـ .
وفيهم شعراء كبار لا حصر لهم من أشهرهم: عمارة الحكمي اليمني .
فالشعر الحميني فيه مرونة لانسباكه مع الغناء بخلاف الشعر الفصيح (الحكمي) فهذا هو الفرق بينهما .
وأما الشعر العامي فهو خارجٌ عن هذين النوعين، ولهذا لا كلام عليه، ولا وجود له في كتب الأدب، ولا حظ له من القبول والتصنيف إلا عند العامة ومن لا يحسنون العربية، ولم تُطبع دواوينه إلا قبل حوالي أربعين عاماً .
ثالثاً: تقسيماته مع التمثيل:
له أربع تقسيمات:
1ـ (المبيّت) وهو شعرٌ حمينيٌّ تتألف فيه القصيدة من فقرات تتكون الفقرة الواحدة عادة من ثلاثة إلى أربعة أسطر، ولكل فقرة قافية مستقلة .
مثال للحميني المبيّت: قول الأستاذ/ عباس الديلمي:
في مزهريّاتِ روحي *** لكْ زرعتُ الوفا
أسقيتُ قلبي بحبك *** فارتوى واكتفى
لأنك الحب، أنت الطهـ *** ـر أنت الصفا
يا بدر في ابتسامه *** كل ضوء اختفى
***
إن أظمأوا روضَ زهري *** كنتَ الندى والظلال
أو حاصروا ضوءَ فجري *** كنتَ الضيا والجمال
وقال عصفورُ صدري *** هذا اكتمالُ الكمال
إلى آخر القصيدة ...
وهكذا ...
2ـ (الموشّح) وهذا فنٌّ نشأ في (الأدب الأندلسي) واستمر، وانتشر في اليمن، وهو قريبٌ من المثلثات الحريرية .
3ـ (الملحون) هذه الكلمة تستعمل تابعة لكلمة (الحميني) أو بدلاً منها للدلالة على أن الشعر قد لا يلتزم بقواعد الفصحى، بل قد تدخله الضرورات للتلحين .
4ـ (الصنعاني) للدلالة على لون خاص من ألوان الغناء الذي ينفرد به هذا الشعر، وأن له مميزات موسيقية خاصة وهي (الصنعانية) نسبة إلى (صنعاء التي حوت كل فن) .
رابعاً: أوزانه وأمثلته:
كما ذكرتُ أنه جارٍ على أوزان الفصيح وبحور الشعر العربي المعروفة، ولكن قد يكثر فيه المجزوء بدلاً من التام .
ولنأخذ أمثلة:
1ـ الرجز (الثنائي) مثاله: قول الشاعر القاضي/ أحمد الآنسي:
أشرفْ عليّ كالقمرْ *** من طاقةِ القصرِ المشيدْ
مستفعلن مستفعلن *** مستفعلن مستفعلانْ
2ـ الخفيف (الثنائي) مثاله: قول حيدر آغا ـ كما سيأتي ـ:
من يبلّغْ غزال رامة *** مذهبَ الخدّ ساجيَ العين
فاعلاتن متفعلاتـــن *** فاعلاتن متفع لا تان
3ـ المديد (الرباعي) ومثاله: قول الشاعر العنسي:
يا مغرّدْ بوادي الدورِ من فوق الاغصانْ
فاعلن فاعلاتن فاعلن فاعلاتان
يا منجّش صباباتي بترجيع الالحانْ
فاعلن فاعلاتن فاعلن فاعلاتان
وهكذا ...
يــــتـــــبــــــــع
التعليق