عروس الجبل
Generic selectors
Exact matches only
Search in title
Search in content
Post Type Selectors
  • روابط أخرى..

  • قصة موسى

    أعظم لقاء في الكون

    ‏عندما تحدث الله سبحانه وتعالى الى موسى إختار جل وعلا مكانًا معينًا لهذه المقابلة العظيمة التي لم يحظى أي نبي او رسول بها قبل موسى عليه السلام، فمن المؤكد ان هذا المكان عظيم ومهيب للغاية.

    قبل الخوض في تفاصيل هذا المكان وأين يقع بالتحديد ، سنسرد قصة المقابلة العظيمة الأولى التي حدثت بين الله سبحانه وتعالى وموسى عليه السلام، حتى نبين للناس مدى قيمة هذا المكان المهيب:

    كلم الله سبحانه وتعالى موسى عليه السلام مرتان ، المرة الأولى كانت عند جبل الطور، فكان موسى عليه السلام مع أهله في سيناء والجو شديد البرودة فشاهد نورًا يومض من أحد الجبال ، كان ذلك النور ساطعا للغاية لدرجة أن موسى رآه من على بعد أميال، فقال لأهله أمكثوا لعلي آتيكم منه بقبس أو أجد على النار هدى.

    وانطلق لإحضار شعلة من النار ليدفىء أهلهُ بها ، أو لعله يجد أحدٍ يرشده ويساعده فعندما وصل لموقع النار وجدَ شجرة شكلها مهيب تشتعل منها النيران من كل مكان ونارها كانت قوية لدرجة أن موسى لم يستطع النظر إليها بشكل مباشر، وفجأة حدثَ الأمر العظيم الذي لم يكن يتوقعه.

    سمع موسى صوت ربه وهو يقول له (إنّي أنا ربّك فاخلع نعليك إنَّك بالوادِ المقدَّس طوى) ، ويالهُ من شعور عظيم لا يوصف تملك موسى حين سمع صوت ربه، فنداء الله لموسى كان يُحاصره من جميع الإتجاهات ولم يحظى أي بشري بهذا الشرف سوى موسى عليه السلام ومحمد ﷺ .

    هذه الشجرة التي كانت مشتعلة هي شجرة العليقة والوادي المقدس طوى هي المنطقة الحالية الموجودة في سيناء وتُدعى ( سانت كاترين )، وجميع الدراسات التاريخية أجمعت على أن منطقة سانت كاترين هي منطقة الوادي المقدس طوى، وهذا المكان مازال موجود حتى اليوم وبصورة جيدة جدًا.

    الغريب أن حتى شجرة العليقة موجودة حسب الأثريين والمؤرخين الى الآن، ولم يتغير حالها منذ عهد موسى حتى اليوم وهي خضراء طوال العام ولا تنبت في أي مكان على وجه الأرض سوى في هذه المنطقة وهي الوحيدة بالعالم.

    والأسباب التي جعلت العلماء يجمعون على هذه المنطقة أنها الوادي المقدس هو أن طبيعتها يوافق تمام ما ذُكر في التوراة والإنجيل بأنها منطقة مرتفعة وتتوسطها العليقة. وهي مزار سياحي حاليًا ويوجد بها كنيسة قديمة لا يدخلها احد إلا بعد أن يخلع نعليه إقتداء بنبي الله موسى عليه السلام.

    القرآن الكريم أقسم بقدسية هذا المكان فقال الله تعالى ( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ )، طور سنين المقصود به هي هذه المنطقة التي كلم الله بها موسى والبلد الأمين مكة المكرمة خير بقاع الأرض.

    والآن سنأتي لقصة التجلي العظيمة، والمقابلة الثانية والأخيرة بين الله سبحانه وتعالى وموسى عليه السلام.
    كان نبي الله موسى عليه السلام قد وعد بني إسرائيل الذين آمنوا به واتبعوه أن يأتيهم بكتاب فيه تبيان معالم الشريعة وما يأتون وما يتركون، فلمّا أهلك الله تبارك وتعالى فرعون مصر ومن اتّبعه من جنوده في البحر وأنجى بني إسرائيل قالوا لنبيهم موسى عليه السلام: إئتنا بالكتاب الذي وعدتنا.
    فسأل موسى عليه السلام ربه ذلك، فأمره تعالى بالصيام ثلاثين يومًا ثم يُتبعها بعشر ليال أخرى يصوم فيها موسى أيضًا ليسمعه كلامه العظيم ويعطيه التوراة وفيها الأحكام وتفاصيل الشريعة المطهرة وقيل أن الثلاثين ليلة هي شهر ذي القعدة بكماله وأتمت أربعين ليلة بعشر من ذي الحجة.
    فصام موسى عليه السلام أربعين يومًا استكمل فيها ما أمره الله تعالى بفعله، ثم أمره الله تعالى بالمجيء إلى جبل معين سمي لاحقًا بجبل (التجلي) وحده ولا يأتي معه أحد فجاء موسى عليه السلام لميقات الله تعالى أي في الوقت الذي أمره تعالى بالمجىء فيه.
    فكلمه تعالى من وراء حجاب، أي من غير أن يرى الله، وكان هذا الشرف العظيم حظي به موسى للمره الثانيه وهي أن يسمع صوت ربه ويكلمه ، فأعطاه الله سبحانه وتعالى الكتاب، وعندما سمع موسى كلام ربه وأعطي هذا الفضل العظيم، طلب أمرًا لم يطلبه أحدًا من العالمين.

    طلب عليه السلام من ربه عزَّ وجل أن يراه فقال: ﴿ربِ أرني أنظر إليك﴾ فطلب أن يرى وجه الله من دون حجاب، فرد الله الحكيم بهذا على موسى وقال له ﴿لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني﴾ ، علّق الله رؤية موسى له بثبات الجبل عند رؤيته، لانه عالم أن الجبل لن يثبت.
    فتجلّى الله سبحانه وتعالى للجبل فاندكّ الجبل دكّا وتحول من جبل مهيب وعملاق إلى رماد. وموسى عليه السلام ينظر إليه حتى خرّ عليه السلام مغشيَا من هول ما رأى، فلما أفاق عليه السلام من غشيته قال: (سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين).
    التجلي في اللغة العربية معناه (الظهور)، لكن معنى تجلي الله سبحانه وتعالى للجبل في هذه الآيه فسرهُ ابن عباس وقال: (ماتجلى من الله سبحانه وتعالى إلا قدر الخنصر ) بمعنى الذي ظهر من الله سبحانه وتعالى للجبل نفس حجم اصبع الخنصر ومع ذلك اندك الجبل، فسبحان عظمته.

    جبل التجلي مكانه ليس معلوم للخبراء مثل الوادي المقدس طوى ، كونه لم يُذكر المكان تحديدًا في النصوص لكن ذكرت الحادثة فقط ومع ذلك حصل اجتهاد واختلاف كبير بين المؤرخين فجميعهم اجتهدوا في تحديد مكان جبل التجلي وإلى الان لا يوجد اجماع.
    من هذه الاستنتاجات التي ظهرت هي اجماع البعض على أن جبل حمام موسى هو الجبل الذي كلم الله به موسى وطلب موسى من ربه أن يراه وفيه صُعق موسى، وجبل التجلي الذي تجلى الله به اختفى من الوجود وتحول إلى رماد لذلك يُصعب تحديده، هذا القول الأشهر والاقرب للصواب.
    والقول الثاني الأشهر ان جبل التجلي يقع على الجانب الغربي من جبل الطور ويمتد من مدينة الطور بمسافة 60 كيلو مترا حتى مفارق فيران، وأن موسى عليه السلام طلب رؤية ربه من جبل الطور.
    وجميعها استنتاجات لا يوجد إجماع قوي عليها.
    جميع الأنبياء والرسل لم يروا وجه الله الكريم وهم على قيد الحياة حتى رسول الله لم يره في رحلة الإسراء والمعراج بل كلمه تعالى من وراء حجاب. ابن كثير رحمه الله فسر هذا الامر بتفسير عظيم للغاية فقال:
    ‏(قلوب البشر لا تتحمل أن ترى وجه الله تعالى).
    فلا يوجد نعمه ولا نعيم أعظم من النظر إلى وجه الله تعالى ويقال أن أهل الجنة لم يُعطوا منذ أن خُلِقوا لذة أحب إليهم من لذة النظر الى وجه الله عز وجل، والله اعلم.

    مواضيع ذات صلة

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    error: بإمكانك مشاركة هذا المحتوى عبر وسائل التواصل الإجتماعي.

    هل ترغب بموافاتك بكل جديد؟