سيرة مؤسس حلقات تحفيظ القرآن في العالم الإسلامي
نبذة موجزة عن سيرة الشيخ التاجر المحسن الكبير محمد يوسف عبد الرحيم سيتهي (مؤسس جمعيات تحفيظ القرآن الكريم في العالم الإسلامي)
برواية الشيخ المقرئ محمد ذاكر (كبير المدرسين بالجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمنطقة الرياض)
منقولة من كتاب: سبيل الشاكر إلى سيرة الشيخ قارئ محمد ذاكر بقلم: حمد الروقي (ردمك: 4-6-90059-603-978)
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فهذه نبذة موجزة عن سيرة التاجر المحسن الكبير الشيخ محمد يوسف عبد الرحيم سيتهي مؤسس جمعيات تحفيظ القرآن الكريم بالعالم الإسلامي في النصف الثاني من القرن الرابع عشر الهجري، وقد تفضل بإملائها صديقه الوفي الشيخ المقرئ محمد ذاكر (كبير المدرسين بالجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمنطقة الرياض) ونحن إذ نوثق هذه السيرة العطرة لنأمل من تجار المسلمين وأثريائهم أن يستلهموا منها الدروس والعبر، وأن يحذوا حذو هذا العبد الصالح؛ فيسهموا في دعم وجوه البر والخير وبخاصة ما يتعلق بتعليم كتاب الله تعالى ونشر علومه ((والدال على الخير كفاعله)).
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
هو محمد يوسف عبد الرحيم سيتهي، وهذا هو الاسم الإسلامي ، وإلا فقد كان اسم جده قبل أن يعلن إسلامه ((جوانده مل)).
ولقد كان لإسلام جده عبد الرحيم قصة عجيبة مليئة بالدروس والعبر فقد ولد جده في قرية صغيرة من ضواحي مدينة (جو جرانواله) التابعة لولاية بنجاب الغربية التابعة للبلاد الهندية. وذلك قبل انقسام الهند إلى دولتين (الهند وباكستان) والآن هذه المدينة تابعة لدولة باكستان.
وقد كانت نشأة جده في بيئة هندوكية وثنية، وقد كانت أسرته من الأسر المعروفة بالتجارة والثراء والرفاهية وفي أحضان هذه الأسرة نشأ وترعرع (جوانده مل) ولما بلغ سن التمييز أدخلته أسرته في مدرسة كتاب القرية، ولقد كان المعلم في هذه الكتاتيب هو إمام المسجد حيث كانت عادة سكان هذه القرية سواء أكانوا مسلمين أو وثنيين أن يلحقوا أبناءهم بهذه الكتاتيب، ولم يكونوا يفرقون بين كون المعلم مسلما أو وثنيا، ولقد كان لذلك المعلم قبول تام عند الجميع فقد كان يعلم الأبناء بكل إخلاص وتفان وصدق وحنان، وقد كانت منهجية هذا المعلم الموفق أنه يربط بين مبادئ العلوم الأساسية التي يدرسها وبين علم التوحيد والعقيدة الصحيحة، وبهذه المنهجية نشأ (جوانده مل) على حب التوحيد وكراهية الشرك والمشركين.
ولأن أسرة (جوانده مل) كانت هندوسية وثنية فقد كان (جوانده مل) يتردد مع جدته على معبد القرية الهندوسي إلا أن (جوانده مل) لم يكن يتردد لأجل التعبد وإنما كان يناقش ويناظر ويحاور (كبير سدنة المعبد) وكان (جوانده مل) يتغلب كثيرا على ذلك العابد الهندوسي ويفحمه.
ومما يذكر فيما حصل بينهما أن العابد أراد أن يفحم (جوانده مل) فسأله يوما سؤالا عظيما فقال: ما هي الروح؟ فأجاب (جوانده مل) فورا (الروح من أمر ربي) فتعجب العابد وقال: هذا هو مذهبنا أيضا ، إن الروح أمر. ومن موقف لموقف حتى حج (جوانده مل) ذلك العابد وأدرك العابد الهندوسي أن مذهبه باطل وسخيف وحانت الساعة التي جاء فيها كل من (جوانده مل) والعابد الهندوسي (كبير سدنة المعبد) إلى إمام مسجد القرية وأعلنا إسلامهما على يديه وغيّر كل واحد منهما اسمه فصار اسم العابد الهندوسي (عبد الحق) واسم (جوانده مل) عبد الرحيم ولما علم الهندوك بإسلامهما حاولوا صرفهما بشتى الوسائل فلما علموا بصدقهما وثباتهما مارسوا معهما أشد أنواع الضغوط والقسوة والظلم ولما أدرك الجميع صلابة هذين الرجلين في الثبات على الدين اجتمع أهل القرية وقرروا طردهما فخرج هذان المؤمنان فارين بدينهما تاركين الأهل والأموال والأصدقاء السابقين، وقصدا مدينة (أمر تسر) ولما علم سكان هذه المدينة بخبر الرجلين وثباتهما وتضحياتهما استقبلوهما أحسن استقبال، وأكرموهما وأعطوهما من المال ما يحسنان به أوضاعهما ويتكسبان به ولما فتح الله عز وجل على (عبد الرحيم) في التجارة عرض عليه أعيان أهل هذه المدينة الزواج من إحدى الأسر العريقة التي كانت هندوكية في السابق وهكذا تزوج عبد الرحيم ثم رزق فيما بعد بمولود نجيب سماه (محمد يوسف).
لقد اهتم عبد الرحيم بتربية ولده محمد يوسف فعلمه القرآن في بيوت الله عز وجل تلك التي كانت السبب بعد الله عز وجل في هداية عبد الرحيم إلى الإسلام ومع الأيام تعلق قلب محمد يوسف بالقرآن الكريم وبالمساجد.
ولما كبر محمد يوسف وأصبح من عيون التجار بدأ في مشروعه العظيم في إنشاء حلقات وجمعيات لتحفيظ القرآن الكريم، وكانت طريقته مليئة بالاحتساب والحكمة العظيمة؛ فكان –رحمه الله- يصلي الفجر في أحد المساجد، وبعد الصلاة يقوم أمام المصلين فيحمد الله عز وجل ويثني عليه بما هو أهله ثم يصلي على النبي صلى الله عليه ويسلم ثم يبدأ يعظ الناس ويذكرهم بالله ويحثهم على تعلم كتابه العظيم، ويحثهم على تعليم أبنائهم القرآن الكريم تصحيحا وحفظا. ومن إخلاصه –نحسبه والله حسيبه- كانت جموع المصلين تتأثر كثيرا وتتحفز للعمل بما يقول وإذا قالت جماعة أحد المساجد نحن نرغب ولكن الإمكانيات لا تساعد قال الشيخ محمد يوسف على الفور: ((تحملوا ثلث راتب المعلم السنوي وأنا أتحمل الثلثين)) فإذا تكفل جماعة المسجد بجمع قسطهم شكل الشيخ محمد يوسف على الفور مجلسا للحلقة حتى تبدأ الدراسة في اليوم التالي.
ومن حكمة الشيخ وبعد نظره أنه إذا تكفل أحد جماعة المسجد برواتب المعلم كاملة أنه لا يوافقه بل يطلب مشاركة الجميع كل بحسب طاقته. وقد كان الشيخ يهدف إلى أن يحس جميع جماعة المسجد وأهل القرية عموما بأن المدرسة للجميع. وكان رحمه الله يطلب من مجلس الحلقة أو الجمعية أن ترسل له تقريرا شهريا عن الحلقة أو الجمعية. وبفضل الله أولا ثم بسبب حكمة الشيخ محمد يوسف ومتابعته الدقيقة امتدت شبكة المدارس القرآنية في مدينة (لاهور) ثم وصلت إلى مدينة (هزارة) حتى ارتجت جبال هزارة بدوي تلاوات طلاب الحلقات القرآنية.
وقد كان الشيخ محمد يوسف من التجار المسلمين الموفقين حيث استغل أمواله الطائلة في فتح الحلقات القرآنية في القارة الهندية والباكستانية وفي إحدى الرحلات التجارية إلى لندن قابل الشيخ محمد يوسف كلا من: التاجر عبد الحميد يوري والطبيب الموفق غلام مصطفى إبراهيم، وفي هذا الاجتماع الثلاثي الأخوي ذكّر كل واحد منهم صاحبيه بحقوق الرب الكريم جل وعلا وبوجوب الاستعداد للقاء الله عز وجل. وفي ختام المجلس اتفق الجميع على وجوب العمل للدين. وقرروا أن يكون الاجتماع القادم –إن شاء الله- في مكة المكرمة بيت الله الحرام.
نبذة موجزة عن سيرة الشيخ التاجر المحسن الكبير محمد يوسف عبد الرحيم سيتهي (مؤسس جمعيات تحفيظ القرآن الكريم في العالم الإسلامي)
برواية الشيخ المقرئ محمد ذاكر (كبير المدرسين بالجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمنطقة الرياض)
منقولة من كتاب: سبيل الشاكر إلى سيرة الشيخ قارئ محمد ذاكر بقلم: حمد الروقي (ردمك: 4-6-90059-603-978)
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فهذه نبذة موجزة عن سيرة التاجر المحسن الكبير الشيخ محمد يوسف عبد الرحيم سيتهي مؤسس جمعيات تحفيظ القرآن الكريم بالعالم الإسلامي في النصف الثاني من القرن الرابع عشر الهجري، وقد تفضل بإملائها صديقه الوفي الشيخ المقرئ محمد ذاكر (كبير المدرسين بالجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمنطقة الرياض) ونحن إذ نوثق هذه السيرة العطرة لنأمل من تجار المسلمين وأثريائهم أن يستلهموا منها الدروس والعبر، وأن يحذوا حذو هذا العبد الصالح؛ فيسهموا في دعم وجوه البر والخير وبخاصة ما يتعلق بتعليم كتاب الله تعالى ونشر علومه ((والدال على الخير كفاعله)).
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
هو محمد يوسف عبد الرحيم سيتهي، وهذا هو الاسم الإسلامي ، وإلا فقد كان اسم جده قبل أن يعلن إسلامه ((جوانده مل)).
ولقد كان لإسلام جده عبد الرحيم قصة عجيبة مليئة بالدروس والعبر فقد ولد جده في قرية صغيرة من ضواحي مدينة (جو جرانواله) التابعة لولاية بنجاب الغربية التابعة للبلاد الهندية. وذلك قبل انقسام الهند إلى دولتين (الهند وباكستان) والآن هذه المدينة تابعة لدولة باكستان.
وقد كانت نشأة جده في بيئة هندوكية وثنية، وقد كانت أسرته من الأسر المعروفة بالتجارة والثراء والرفاهية وفي أحضان هذه الأسرة نشأ وترعرع (جوانده مل) ولما بلغ سن التمييز أدخلته أسرته في مدرسة كتاب القرية، ولقد كان المعلم في هذه الكتاتيب هو إمام المسجد حيث كانت عادة سكان هذه القرية سواء أكانوا مسلمين أو وثنيين أن يلحقوا أبناءهم بهذه الكتاتيب، ولم يكونوا يفرقون بين كون المعلم مسلما أو وثنيا، ولقد كان لذلك المعلم قبول تام عند الجميع فقد كان يعلم الأبناء بكل إخلاص وتفان وصدق وحنان، وقد كانت منهجية هذا المعلم الموفق أنه يربط بين مبادئ العلوم الأساسية التي يدرسها وبين علم التوحيد والعقيدة الصحيحة، وبهذه المنهجية نشأ (جوانده مل) على حب التوحيد وكراهية الشرك والمشركين.
ولأن أسرة (جوانده مل) كانت هندوسية وثنية فقد كان (جوانده مل) يتردد مع جدته على معبد القرية الهندوسي إلا أن (جوانده مل) لم يكن يتردد لأجل التعبد وإنما كان يناقش ويناظر ويحاور (كبير سدنة المعبد) وكان (جوانده مل) يتغلب كثيرا على ذلك العابد الهندوسي ويفحمه.
ومما يذكر فيما حصل بينهما أن العابد أراد أن يفحم (جوانده مل) فسأله يوما سؤالا عظيما فقال: ما هي الروح؟ فأجاب (جوانده مل) فورا (الروح من أمر ربي) فتعجب العابد وقال: هذا هو مذهبنا أيضا ، إن الروح أمر. ومن موقف لموقف حتى حج (جوانده مل) ذلك العابد وأدرك العابد الهندوسي أن مذهبه باطل وسخيف وحانت الساعة التي جاء فيها كل من (جوانده مل) والعابد الهندوسي (كبير سدنة المعبد) إلى إمام مسجد القرية وأعلنا إسلامهما على يديه وغيّر كل واحد منهما اسمه فصار اسم العابد الهندوسي (عبد الحق) واسم (جوانده مل) عبد الرحيم ولما علم الهندوك بإسلامهما حاولوا صرفهما بشتى الوسائل فلما علموا بصدقهما وثباتهما مارسوا معهما أشد أنواع الضغوط والقسوة والظلم ولما أدرك الجميع صلابة هذين الرجلين في الثبات على الدين اجتمع أهل القرية وقرروا طردهما فخرج هذان المؤمنان فارين بدينهما تاركين الأهل والأموال والأصدقاء السابقين، وقصدا مدينة (أمر تسر) ولما علم سكان هذه المدينة بخبر الرجلين وثباتهما وتضحياتهما استقبلوهما أحسن استقبال، وأكرموهما وأعطوهما من المال ما يحسنان به أوضاعهما ويتكسبان به ولما فتح الله عز وجل على (عبد الرحيم) في التجارة عرض عليه أعيان أهل هذه المدينة الزواج من إحدى الأسر العريقة التي كانت هندوكية في السابق وهكذا تزوج عبد الرحيم ثم رزق فيما بعد بمولود نجيب سماه (محمد يوسف).
لقد اهتم عبد الرحيم بتربية ولده محمد يوسف فعلمه القرآن في بيوت الله عز وجل تلك التي كانت السبب بعد الله عز وجل في هداية عبد الرحيم إلى الإسلام ومع الأيام تعلق قلب محمد يوسف بالقرآن الكريم وبالمساجد.
ولما كبر محمد يوسف وأصبح من عيون التجار بدأ في مشروعه العظيم في إنشاء حلقات وجمعيات لتحفيظ القرآن الكريم، وكانت طريقته مليئة بالاحتساب والحكمة العظيمة؛ فكان –رحمه الله- يصلي الفجر في أحد المساجد، وبعد الصلاة يقوم أمام المصلين فيحمد الله عز وجل ويثني عليه بما هو أهله ثم يصلي على النبي صلى الله عليه ويسلم ثم يبدأ يعظ الناس ويذكرهم بالله ويحثهم على تعلم كتابه العظيم، ويحثهم على تعليم أبنائهم القرآن الكريم تصحيحا وحفظا. ومن إخلاصه –نحسبه والله حسيبه- كانت جموع المصلين تتأثر كثيرا وتتحفز للعمل بما يقول وإذا قالت جماعة أحد المساجد نحن نرغب ولكن الإمكانيات لا تساعد قال الشيخ محمد يوسف على الفور: ((تحملوا ثلث راتب المعلم السنوي وأنا أتحمل الثلثين)) فإذا تكفل جماعة المسجد بجمع قسطهم شكل الشيخ محمد يوسف على الفور مجلسا للحلقة حتى تبدأ الدراسة في اليوم التالي.
ومن حكمة الشيخ وبعد نظره أنه إذا تكفل أحد جماعة المسجد برواتب المعلم كاملة أنه لا يوافقه بل يطلب مشاركة الجميع كل بحسب طاقته. وقد كان الشيخ يهدف إلى أن يحس جميع جماعة المسجد وأهل القرية عموما بأن المدرسة للجميع. وكان رحمه الله يطلب من مجلس الحلقة أو الجمعية أن ترسل له تقريرا شهريا عن الحلقة أو الجمعية. وبفضل الله أولا ثم بسبب حكمة الشيخ محمد يوسف ومتابعته الدقيقة امتدت شبكة المدارس القرآنية في مدينة (لاهور) ثم وصلت إلى مدينة (هزارة) حتى ارتجت جبال هزارة بدوي تلاوات طلاب الحلقات القرآنية.
وقد كان الشيخ محمد يوسف من التجار المسلمين الموفقين حيث استغل أمواله الطائلة في فتح الحلقات القرآنية في القارة الهندية والباكستانية وفي إحدى الرحلات التجارية إلى لندن قابل الشيخ محمد يوسف كلا من: التاجر عبد الحميد يوري والطبيب الموفق غلام مصطفى إبراهيم، وفي هذا الاجتماع الثلاثي الأخوي ذكّر كل واحد منهم صاحبيه بحقوق الرب الكريم جل وعلا وبوجوب الاستعداد للقاء الله عز وجل. وفي ختام المجلس اتفق الجميع على وجوب العمل للدين. وقرروا أن يكون الاجتماع القادم –إن شاء الله- في مكة المكرمة بيت الله الحرام.
يتبع ...
التعليق